ماكرون شوّه صورة فرنسا في الشرق الاوسط.. وسورية بوابة اصلاحها

اثنين, 02/04/2019 - 19:50

بسام ابو شريف

مع وصول ترامب البيت الأبيض تحولت لعبة الاستغلال العام الى لعبة مكشوفة ، ويحاول ترامب اعادة عقارب عقود من الزمن الى مراحل انتهت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، وسيفشل ترامب وكل من يعتقد أن قوة الولايات المتحدة سوف تفتح الطريق لعصر جديد من الاستعمار بالقوة ، وان من يتبع ترامب سينال من بقايا مائدته مايكفيه ” كما تفكر تيريزاماي الصهيونية ” ، لكن ماكرون ” الولد المتذاكي ” ، يعتقد بأنه يختلف عن تيريزاماي فهو يحاول أن يظهر بمظهر الحليف الند لترامب في الوقت الذي أشبعه فيه ترامب قبلا وخوازيق ، اذ ماكادت فرق الموسيقى أن تهدأ بعد انتهاء زيارته العاطفية لواشنطن حتى وجه له ترامب صفعات مهينة في كل مناسبة ، وهزئ من مقترحاته وأفكاره علنا في حين اعتقد ” الطفل المتذاكي ” ، أنه تمكن من أسر لب ترامب !! .

وبدلا من أن يصحو من غيبوبة ” الطفل ” ، الذي يخدعه كل من حوله ” وأولهم زوجته ” ، باقناعه بأنه ” فلتة الزمان ” ، راح يخوض معارك للحفاظ على مصالح فرنسا من باب ” الاستعمار ” ، كما يفعل ترامب ولكن في ميادين ضيقة ومعارك خاسرة ، فهو يرسل جنود فرنسا ليقتلوا في افريقيا ” خاصة مالي ” ، ويتبجح بأنه لن يسحب قواته من سوريا ( بعد أن أعلن ترامب أنه سيسحب قوات بلاده من سوريا ) ، وأنه سيحارب داعش ؟!! ويأمر بوضع ميزانيات ضخمة لابقاء النار مشتعلة في ليبيا لأنه يريد أن يحتفظ بليبيا مستعمرة فرنسية لاينال منها الاوروبيون وعلى رأسهم ايطاليا سوى بقايا المائدة ، وهو لايدري أن الولايات المتحدة لن تسمح له بالهيمنة على نفط ليبيا ناهيك عن مقاومة الشعب العربي الليبي للاستعمار ، وتراه يتزلف لاسرائيل ويعطيها ماتريد من الأسلحة والأجهزة الخاصة تماما كما فعلت فرنسا عندما أنشأت لاسرائيل مفاعلها النووي في ديمونة .

ولا يجرؤ ماكرون على الاتيان على سيرة العراق ، فقد طردت الولايات المتحدة فرنسا التي كانت تربطها بالعراق علاقات متينة شر طردة من العراق ، وتمكنت الولايات المتحدة من ذلك لأن فرنسا لم تقف الموقف السليم الذي يكسبها العراق شعبا وحكومة ، أي أنها لم تدعم استقلال وحرية وسيادة العراق ، ولن نذهب أكثر من ذلك في وصف غباء ماكرون الذي ألحق بالفرنسيين وفرنسا خسائر فادحة حاول تعويضها بصفقات سلاح محرم دوليا لتمكين السعودية من ارتكاب مجازر ضد شعب اليمن الذي كان يرى في فرنسا شريكا محتملا في استخراج نفطه وغازه .

أنهى ماكرون آخر ذرة احترام في الشرق الأوسط لفرنسا ، فقد استنزف هو ومن سبقه كل الرصيد الذي راكمه شارل ديغول لفرنسا لدى الشعوب العربية والشرق الأوسط انطلاقا من موقفه ازاء حرية الجزائر ورفض الشعار الغبي ” الجزائر فرنسية ” ، واذا استمر ماكرون في نهجه السياسي الخاطئ سوف يدمر اقتصاد فرنسا وسوف يفسح المجال لثورة فرنسية شعبية .

الفرنسيون يمتلكون المفتاح ان أرادوا ، وعليهم اتخاذ القرار بأنفسهم لأن ماكرون المكبل من روتشيلد وصنيعة روتشيلد دونالد ترامب لن يتمكن من شق طريق لحماية مصالح فرنسا ومستقبل الفرنسيين ، واذا اعتقد ماكرون أن الأنظمة التي تحولت الى أدوات في يد ترامب ونتنياهو ستبقى حاكمة ، فهو مخطئ ويرتكب الخطيئة ازاء ” الفرنسيات والفرنسيين ” ، كما كان ديغول ينادي شعب فرنسا .

ماهو المفتاح ؟

أن يعلن الفرنسيون أن الأولوية لديهم هي مصلحة فرنسا العليا انطلاقا من هذا فهم يحددون المواقف التي تخدم مصلحة فرنسا ، وفي الوقت ذاته تنسجم مع مبادئ الثورة الفرنسية الكبرى والنهج الديغولي في مساندة الشعوب في تقرير مصيرها ورسم سياساتها واقامة تحالفاتها .

في الشرق الأوسط تدور معركة مصيرية ، وستكون حاسمة لمستقبل الشرق الأوسط فرئيس الولايات المتحدة يتحالف حتى النخاع مع الحركة الصهيونية ، ويجر الأنظمة المرتبطة بواشنطن معه لاعادة رسم خريطة الشرق الأوسط ، وهو مايسميه صفقة العصر … هذا هو الجوهر التآمري على الشرق الأوسط ، وهو المخطط الذي خطط ونفذ تشكيل وتدريب وتسليح وتمويل قوى ارهابية مثل داعش والنصرة وغيرها لضرب وتمزيق الدول العربية المحيطة بفلسطين لتتمكن اسرائيل من ابتلاع كل فلسطين ، وسحق الشعب الفلسطيني وارتكاب المجازر والجرائم الجماعية دون محاسبة ، وذلك تمهيدا لهيمنة الامبريالية الصهيونية على الشرق الأوسط ، وتقاسم الثروات مع واشنطن ورش الفتات على الأنظمة التابعة لواشنطن .

هل يؤيد الفرنسيون سحق شعب فلسطين وتصفية قضيته العادلة ، هل يؤيد الفرنسيون قيام نظام عنصري دموي يقتل الأطفال والمدنيين ويرتكب المجازر ويصادر أملاك الفلسطينيين ويهدم بيوتهم ، ويصادر مدارس وكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة ويطرد منها الطلبة لحرمانهم من التعليم ؟!

لا أعتقد أن الشعب الفرنسي يوافق على هذا ، فهو شعب علم العالم معنى الحرية ، فلماذا يسكت على مواقف ماكرون ؟؟؟ ، اذاأراد الفرنسيون أن يستعيدوا مكانتهم في العالم العربي فعليهم اتخاذ خطوتين سريعتين ، والعمل على كسب التفاف اوروبي حولهما : الأولى هي الوقوف بحزم و” بآليات عملية ” ، في وجه العنصرية الدموية التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني ، وأن يشمل ذلك اقتراحا للأمم المتحدة بنشر قوات حماية للشعب والمدنيين من الارهاب الدموي اليومي الذي يرتكبه النظام العنصري الصهيوني .

أن تعلن فرنسا أنها ستتبنى العمل على أن تستمر مدارس وكالة الغوث الأممية في تعليم أبناء اللاجئين الفلسطينيين، وضمنها مدارس وكالة الاونروا في القدس ، أن تتبنى فرنسا واوروبا الأونروا من حيث التعويض عن توقف الولايات المتحدة عن دفع حصتها في تمويل الأونروا ، والاعلان بدون مواربة عن الموقف الاوروبي واستمرار الالتزام به والداعي لاقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة ، أي حل الدولتين ورفض صفقة العصر .

الثانية : أن تعيد فرنسا علاقاتها وتعاونها مع سوريا ، وأن يكون المدخل انسحاب قواتها من سوريا ، ومساهمة فرنسا في اعادة اعمار سوريا وسيؤدي هذا الى تقرير الموقف الملتزم بالاتفاق النووي الذي وقع مع ايران ، وبهذا يمكن للفرنسيين أن يبدأوا باستعادة مواقفهم والحفاظ على مصالحهم ، وهذا الأمر غير متوقع من ماكرون الذي تتحكم به كما تتحكم بترامب الآلة الصهيونية المالية التي يقف على رأسها روتشيلد ، لذلك تصبح هذه المواقف مطلوبة من الشعب الفرنسي الذي يدرك الانزلاق الذي تدفع الصهيونية بفرنسا نحوه .

كاتب وسياسي فلسطيني