حِساب العريفي يَختَفِي مِن “تويتر”: ما هِي الأسباب الحَقيقيّة؟

سبت, 12/29/2018 - 21:12

اليوم انفو : 

لا بُد للجميع أن يتساءل عن الأسباب الحقيقيّة لاختفاء حساب الدكتور الشيخ محمد العريفي على منصّة التدوين القصيرة “تويتر”، الحساب الذي يُتابعه أكثر من عشرين مليون مُتابع، غير موجودٍ على الحساب الأزرق للتَّغريد، بل عند بحثك عن حساب الشيخ المذكور، يعتذر لك “تويتر” قائلاً: عُذراً، تلك الصفحة غير موجودة.

يبدو أنها ليست الأيّام الأفضل للرجل الذي تربّع على المنابر، بل وصاح بالدعاء على قادة أنظمة الربيع العربي بالهلاك، والموت، بل وعدم تبليغهم شهر رمضان، عاماً بعد عام، الشيخ العريفي الذي تحوّل إلى “نجم” دعوي، أكثر منه داعية إسلامي المحسوب على تيّار الصحوة الذي بات أبرز رموزه خلف القُضبان وعلى رأسهم الشيخ سلمان العودة، إذاً حتى كتابة هذه السُّطور مُختفيٌ “تويتريّاً” على الأقل، فلا أنباء حتى اللحظة تُؤكِّد اعتقاله من قبل السلطات السعوديّة من عدمه، رغم أنه كان بحسب مُنتقدون له، عالم سلطان بامتياز، وآثر الصَّمت تماماً، بل وغرّد تماشياً مع المُنتقدين بعد أزمة مُقاطعة قطر الشقيقة الخليجيّة لبلاده، على إثر تصريحات منسوبة للأمير القطري تميم بن حمد، ضِد دول الخليج.

في أسباب توقيف حساب الشيخ العريفي وربّما اعتقاله، يُفسِّر الداخل السعودي، أنها تأتي استمراراً لحملات يشنها الأمير محمد بن سلمان وليّ العهد، ضِد تيّار الصحوة، الذي أعاد الصرامة الدينيّة إلى البِلاد في السبعينات، وهو التيّار الذي لا يرغب الأمير بن سلمان حسب قوله، بأن يُضيّع عمره بانتظار تَفَكُّك سطوته على البِلاد، لكن الأمير الشاب أيضاً كان قد شنَّ حملةً على رموز التيار الإصلاحي والنسوي كذلك، وزجّ بهم خلف القُضبان، فأيّ سبب آخر منطقي يُمكن أن يُفسِّر توقيف حساب المذكور، وهو الممنوع قبل ذلك من الخطابة، والتدريس منذ شُهور في جميع مساجد المملكة، بل إنّ السلطات قد اعتقلت أحد أبنائه عبدالرحمن العريفي، بتُهمة انتمائه لجماعة الإخوان المُسلمين وِفْقاً لحساباتٍ مُعارضة.

اختفاء حساب العريفي، يقول مراقبون، سبقه إعفاءٌ لوزير الخارجيّة عادل الجبير، ضمن أوامر ملكيّة تضمّنت إعادة تشكيل المجلس الوِزاري السعودي أصدرها العاهل الملك سلمان بن عبد العزيز الخميس، والجبير الوزير هو صاحب العبارة الأكثر ترديداً، رحيل الأسد إمّا حَرباً أو سِلماً، وها هو يرحل يقول مُغرّدون عرب قبل الرئيس السوري بشار الأسد، عِلماً أن الشيخ العريفي أيضاً كان مِن المُحرِّضين على قِتال “نظام الأسد”، وإسقاطه، بل وصل به الأمر إلى الدعوة للجهاد في سورية، وجمع أموال التبرُّعات لإسقاط النظام السوري.

العربيّة السعوديّة اليوم ترغب التقرّب إلى سورية، وشقيقتها الإمارات العربيّة المتحدة، عاودت فتح سفارتها في دِمشق، وها هي البحرين على ذات الخُطى، والوجوه السعوديّة التي دعت إلى رحيل الأسد، وإسقاطه، يقول المراقبون، أنّ المنطق يُحتِّم رحيل تلك الوجوه، على تنوّع خلفياتها السِّياسيّة، والدينيّة، والحديث هُنا عن الجبير، والعريفي.

مُحبّو الشيخ العريفي، كان لهم رأيٌ آخر، فهو بنظرهم شيخٌ جليل، ساهم في نشر العقيدة، ووقف على المنابر ضد الظلمة المُتكبّرين، واعتبروا أن أي مس به أو سوء سيُصيبه، سيتحمّل وزرها النظام السعودي، والأمير محمد بن سلمان شخصيّاً.

التيّار الإسلامي بدوره، عزف معزوفة التضامن مع الشيخ العريفي على استحياء، ومن باب إقامة حفل الفنانة اللبنانيّة ماجدة الرومي على الأراضي السعوديّة وتحديداً في حفل افتتاح مهرجان “شتاء طنطورة”، في مدينة العلا بالمملكة، وذلك بحُضور وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله آل سعود، وعقد المُقارنة المُعتادة، بين اعتقال العُلماء، وإقامة “حفل السُّفَهاء”، على حَدِّ تعبيرهم.

يستبدل إذاً، الأمير محمد بن سلمان كافّة الوجوه البارزة في بلاده، فإمّا أن يُنهي مسيرتها السياسيّة أو الدينيّة، أو يُلقي بها خلف القُضبان، العربيّة السعوديّة لا تزال تُواجه تداعيات تلطيخ سُمعتها، كما يقول مُنتقدون لسياسات الأمير بن سلمان، على خلفيّة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، ليبقى السؤال الأبرز، أي أكباش فداء سيتم التضحية بها تِباعاً، فعثرات، وأخطاء المملكة في الملفّات الخارجيّة كبيرة، وكثيرة، وأي الأثمان ستدفعها أيضاً، الثابت في كُل هذا أنّ صَفحتيّ الجبير والعريفي، قد طُوِيَت إلى الأبد، يقول مراقبون.