حل المجلس التشريعي الفلسطيني وتشكيل التجمع الديمقراطي للحفاظ على الذات الفصائلية

ثلاثاء, 12/25/2018 - 22:48

صابر عارف

قد تبدو الساحة الفلسطينية بالنسبة للبعض وخاصة للقيادات التي أحدثت حدثي الاسبوع الماضي في الساحة الفلسطينية ، وكانها أمام منعطف نوعي جديد ، للخروج من النفق المظلم،  ولتغيير مجرى الاحداث باتجاه الحرية والاستقلال الحقيقي، وقد يبدو باننا أمام مرحلة جديدة سيوضع فبها القطار الفلسطيني على السكة والمسار الأصح والأقوى …قد تبدو الأمور كذلك إثر اعلان رئيس الأمر الواقع الفلسطيني عن حل المجلس التشريعي الفلسطيني واجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية خلال الأشهر الستة القادمة ، مع ما أثاره الاعلان من ردودَ فعل غاضبة من قبل حركة حماس، التي اكدت بان المجلس التشريعي الذي تسيطر عليه بانه سيد نفسه ،  وردود فعل منتقدة بشكل كبير من قبل فصائل فلسطينية مختلفة ، وقد تبدو الامور كذلك اثر اعلان الفصائل الفلسطينية التي تحب تسمية نفسها بالتيار اليساري الفلسطيني عن تشكيل تجمع لها باسم ،، التجمع الديمقراطي الفلسطيني  .

لست مستفزا ولا غاضبا كثيرا لا من إجراء الانتخابات الفلسطينية التي اتمنى ان تحصل اليوم والآن الان قبل الغد ، لا أن تكون مطية وغطاء لتمرير حل المجلس التشريعي الذي لا اسف  ولا حزن عليه اطلاقا ، ولكن ليس بخلفيات وسياسات وآفاق محمود عباس الذي عرفه الشعب الفلسطيني جيدا بالانتقال مما هو ذليل لما هو أكثر اذلالا ، ولست مستفزا من تشكيل تجمع ديمقراطي اتمنى له كل نجاح وتقدم وان كنت لا أرى ذلك  ،  تجمع تفتقده الساحة الفلسطينية منذ انطلاق الثورة المعاصرة وحتى اليوم رغم ضرورة تشكيله والحاجة الماسة لتاسيسه وخاصة في ظل الانقسام الحالي بين التيارين الفتحاوي والحمساوي ،وهرطقات التيار الاول وتخلف التيار الثاني  . ولكني اعتقد جازما بأن الحدثين لن يغيرا في الأمر شيئا !!! ولن نكون أمام منعطف نوعي جديد بمقدار ما سيحافظ كل فصيل على نفسه من الذوبان ولإبقاء الذات  الفصائلية المهددة بالفناء اذا ما استمر الحال على ما هو عليه اليوم . فالأزمة الفلسطينية أبعد وأعمق بكثير .. انها ازمة فكرية برنامجية وبنيوية قيادية . وتتطلب معالجتها الكثير الكثير من المراجعات عبر حوارات وطنية علمية وواسعة بعيدة عن الكاميرات والاستعراضات .

أقول هذا القول بوضوح وصراحة لأنني أستبعد ان تحصل الانتخابات خلال الأشهر الستة التي حددها رئيس الامر الواقع ، ليس لأن اسرائيل سترفضها وستمنعها لانها ستساهم لو تمت وستشكل مخرجا ولو جزئيا للأزمة الفلسطينية الحالية المستعصية منذ ما يزيد عن عشرة أعوام ، وليس لأن مخاطر اجرائها في الضفة دون غزة أكثر واشد الما وضررا ، وانما لأنها تفتقد للجدية والمصداقية من الاساس والأصل ، كونها لا تبشر بخير جديد على الداعين زورا لها .وأقول قولي بان التجمع الديمقراطي الجديد لن يحظى باي نجاح يتجاوز نجاحات التجارب السابقة منذ تشكيل جبهة الرفض الفلسطينية منتصف سبعينات القرن الماضي  وتشكيل التحالف الديمقراطي الرباعي منتصف ثمانينيات القرن ذاته ، ومنذ محاولات التشكيل الاخيرة العديدة والمتنوعة بعد العودة للوطن التي قاد بعضها الشهيد القائد ابو على مصطفى .

من خبرتي الطويلة والفاعلة بالمشاركة في محاولات تشكيل تجمع أو تيار ديمقراطي وخاصة بعد العودة الى الوطن ارى بان التجربة الحديثة الاسبوع الماضي لن يحالفها الحظ كبقية التجارب السابقة ، ليس لانها نسخة عن التجارب القاشلة السابقة فحسب وانما لانها لم تستفد ابدا من دروسها ونتائجها  وخاصة في القضايا المفصلية الثلاث التالية :

الاولى : ما ورد في بيان التجمع الجديد لم يات باي جديد يذكر ، لا في الميدان السياسي ولا في الميدان التنظيمي القيادي ، ولم تتم اي مراجعة او تغيير فيما عجز نصف قرن عن تحقيقه ، بل أكد البيان على التمسك بحل الدولتين الذي انهار منذ عشرات السنوات عندما نص على  التمسك بالبرنامج المتمثل بحق العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة بعاصمتها القدس .

الثانية : عدم بلورة وتحديد اطار قيادي جديد منتخب ومستقل بذاته بعيدا عن التعصب  الفصائلي وعدم صياغة نظام داخلي ينظم عمل تلك الإطار القيادي بعيدا عن الانتماء الفصائلي الضيق الذي قتل تجربة الثورة المعاصرة بعصبويته وانغلاقه المقيت . وهذا ما سيبقي التجمع في حالة تجاذب قيادي ستشل عمله مهما كانت النوايا طيبة !!! . ومن ناحية أخرى فان هذا التجمع وضع نفسه تحت تصرف القيادة الحالية ولم يتحمل اي مسوؤلية قيادية عندما نص بيانه بصراحة ووضوح تامين  على التمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية واحترام قراراتها وصلاحياتها وانتظام عملها وإن أضاف  على قاعدة الشراكة الوطنية والقيادة الجماعية . ولا بد هنا من ابراز احترام قراراتها وصلاحياتها

الثالثة : عدم النص على تحديد موارد وموازنة مالية خاصة بالتحمع لتغطي نشاطاته وفعالياته  .

للأسف فنحن لسنا أمام البحث عن حل للأزمة الفلسطينية ، بمقدار ما نبحث عن تعزيز نفوذ فصيل على حساب فصيل آخر ،وفي هذا السياق كان قرار حل المجلس التشريعي كمسالة سياسية لا قانونية بامتياز ، ولا حبا بالانتخابات التشريعية والرئاسية ، وللأسف لم أصدق ولم يقنعني الصديق القديم عباس زكي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عندما قال عبر فضائية الميادين بأن السلطة تريد خلال الأشهر الستة القادمة الخروج من اتفاقية اوسلو ، وبانهم جادين في ترك أمره للناس الذين عليهم تحديد خيارهم بالمواجهة او المساومة !!! .

saberaref4@gmail.com