قمة طهران.. والخلاف التركي الروسي في سورية

ثلاثاء, 09/11/2018 - 23:13

الدكتور حسن مرهج

بين التلويح بعدوان عسكري أمريكي غربي على سورية، وبين استمرار ماكينة الكذب الإعلامية الأمريكية بشأن هجمات كيمائية مفبركة، وبين القمة التي عُقدت في طهران وجمعت رؤساء روسيا وتركيا وإيران، تعيش الدولة السورية بين خياري التسوية السياسية والحرب المفتوحة طويلة الأمد، ونرى هنا أن هذين الخيارين منطقيين بالنظر إلى التجاذبات التي أفرزتها الحرب على سوريا، فبعد ثماني سنوات من أزمة أرهقت أعداء سوريا نتيجة صمود الدولة السورية قيادة وجيشا وشعبا، نجد أنه من المنطقي ان تلجأ الدول صاحبة العدوان على سورية إلى استراتيجيات قد تحقق لها مكاسب سياسية ضمن الحدود الدنيا، وبالتالي بات العالم بأسره منقسم في معسكرين، الأول معسكر واشنطن وأدواتها الداعمة للفصائل الإرهابية، والثاني الدولة السورية وحلفاؤها ضد المشروع الأمريكي وأدواته الإرهابية وعملاؤه الإقليمين، وضمن هذين المعسكرين باتت سوريا ساحة صراع وتنافس جيوسياسي .

عشية قمة طهران، قال مصدر في ما يسمى المعارضة السورية، إن الاجتماعات التي ضمت لجان عمل تركية وروسية ” حققت تقدماً كبيراً لإيجاد حلول مقبولة لجميع الأطراف من أجل حل عقدة إدلب، ستُعرض على قادة البلدان الضامنة لاستأنه”. وأضاف إلى “تغيرات إيجابية في لهجة موسكو وطهران”، مرجحاً التوصل إلى اتفاق يضمن” إخلاء إدلب من التنظيمات المصنّفة إرهابية، على أن تتولى تركيا العملية، ومنحها الوقت الكافي لذلك، وانتشار مجموعات من الشرطة العسكرية الروسية في جسر الشغور ومناطق حساسة في حماة وسهل الغاب، على ألا تدخل قوات الجيش السوري هذه المناطق، وتبقى خاضعة للفصائل الموالية لأنقرة”. وتابع هذا المصدر قوله: إن “الروس وافقوا على أن يتولى الأتراك السيطرة على سلاح الفصائل الثقيل، وأن تُعهد إليها مسؤولية الأمن داخل تلك المناطق، وتتعهد منع أي هجوم على القاعدة الروسية في حميميم وقوات الجيش السوري”.

تصريحات المصدر في ما يسمى المعارضة السورية لا تمت لطبيعة الواقع السياسي والميداني الذي فرضته الدولة السورية إطلاقا، فالمتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف أكد “أن محافظة إدلب تحولت إلى بؤرة للإرهاب حيث استقرت هناك الكثير من المجموعات الإرهابية وهذا يؤدي إلى زعزعة استقرار الوضع عموما ويقوض محاولات الانتقال إلى مسار التسوية السياسية والدبلوماسية في سورية “، وفي رد على تحذيرات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من تداعيات تحرك الجيش السوري لتطهير إدلب من الإرهاب قال بيسكوف للصحفيين: ” إن طرح هذه التحذيرات دون الأخذ بعين الاعتبار تهديد الإرهابيين نهج ناقص وغير شامل ” .

أما التسريبات التي تلت قمة طهران، فتُفيد عن معلومات عن تواصل الخلاف الروسي التركي، على الرغم من الاجتماع التقني بين العسكريين الروس والأتراك في أنقرة لأيام عدة، إذ بقيت المعضلة قائمة في ظل حديث عن “ثمن تركي حول إدلب”، ما يؤكد بأن المعركة يبدو أنها قادمة، بعد نجاح روسيا في إقناع تركيا بصفقة محدودة، تتلخّص تفاصيلها بتسليم منطقة جسر الشغور حتى شمال غرب حماة إلى الدولة السورية. ولكن من غير المعروف تفاصيل الصفقة التي لم تتأكد بعد حول باقي مناطق محافظة إدلب، إذ تشير تكهنات إلى أنها ستكون على نهج التسوية التي حصلت في درعا.

في النتيجة وضمن الموقف التركي المأزم والتخبط الأمريكي الواضح، بات واضحاً أن حشود الجيش العربي السوري مدعومة بموقف سياسي وعسكري واضحٍ من روسيا، وضعت تركيا أمام خيارين لا ثالث لهما أحدهما التخلي عن “هيئة تحرير الشام”(جبهة النصرة) لا سيما بعد رفض الهيئة لحل نفسها، وبعد قيامها بعمليات قتل واغتيال واسعة لخصومها ومنافسيها، بما في ذلك الخصوم والمنافسون المرتبطون بالمخابرات التركية، والثاني استمرار الدفاع عن “هيئة تحرير الشام” وبالتالي تحمل تبعات مثل هذا الموقف من الناحيتين السياسة والعسكرية، وبالتالي التصميم الذي تبديه الدولة السورية على خوض معركة تحرير إدلب من سيطرة الفصائل الإرهابية، لا يترك أمام المساعي التركية أي فرصةٍ للنجاح في مناوراتها المكشوفة، وألاعيبها بالورقة الإرهابية.

كاتب عربي