الاردن: عاد الملك.. وانخفض مستوى القلق.. ولكن بقيت كثير من الاسئلة حول القادم عالقة

ثلاثاء, 08/07/2018 - 00:18

د. احمد القطامين
مستوى غير مسبوق من القلق والشعور بالضياع انتاب الشعب الاردني طوال الاسابيع السته الماضية، حالة انتجت كما هائلا من الاشاعات في كل الاتجاهات واستدعت كما اكبرمن التدخلات الداخلية والخارجية التي اتسم بعضها بالمعقولية بينما اتصف بعضها الاخر بالتصيد في الماء العكر.. مثلا “ادي كوهين” الاعلامي الصهيوني المكلف بمهمة خلط الاوراق ضد العرب على مواقع التواصل الاجتماعي اسهم بدور “الولعجي” في الازمة؟. والولعجي هو ذلك الشخص الذي يحمل شعلة من النارليقوم بايقاد مخلوط الزفته عند تزفييت الشوارع، انه الشخص الاكثر إثارة من بين كل العاملين بالورشة، انه رجل النار!!.
الملك في حديثه الموجه للشعب من خلال ترأسه لجلسة مجلس الوزراء، أكد على ان الموقف الاردني من القضية الفلسطينية ككل وبشكل خاص القدس غير قابل للتغير تحت شتى الظروف والملابسات، وكان هذا التأكيد مهما جدا لحسم واحدة من اهم اسباب القلق الشعبي، وبما ان الموقف الاردني لا يتنازل عن القدس كما قال الملك، اذن الموقف من صفقة القرن اصبح اكثر وضوحا.. ببساطة لان موضوع القدس كعاصمة موحدة للكيان الصهيوني هي جوهر صفقة القرن وبدونها تصبح الصفقة لا قيمة فعلية لها.
ولكن يبقى السؤال مطروحا يرواح مكانه، وملخصه انه اذا كان الاردن يرفض تصفية القضية الفلسطينية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني فكيف سيتصدى لها عمليا. وهل يستطيع الاردن بتموضعاته الحالية ان يساهم بفاعلية في التصدي لها. خاصة اذا علمنا ان حلفاء الاردن من امريكا الى الدول العربية الحليفة جميعها تصطف الى جانب صفقة القرن مع بعض التحفظات الخجولة هنا او هناك عند بعض الاطراف العربية المشاركة فيها.
انسانيا ومنطقيا، صفقة القرن ليست قدرا لا يمكن الافلات منه، انها حالة تفتقر للبعد الاخلاقي وبالتالي تفتقد للمشروعية خاصة انها تتم خارج نطاق الشرعية الدولية او اي شكل من اشكال الاجماع الدولي. والجميع يعلم علم اليقين ان صفقة من هذا النوع غير قابلة للحياة في المدى الابعد اذا لم يوافق عليها الفلسطينيون وربما ايضا موافقة الاردنيون عليها مهمة جدا لنجاحها خاصة اذا كانت تتضمن تشابكات ما مع الاردن كجزء من تفاصيلها وحيثياتها التنفيذية اللاحقة.
ولكن، يبقى هنالك سؤال كبير للغاية لا بد من تفحصه من جوانب عديدة اذا اردنا فهما اعمق لما يجري حولنا. المطلعون بعمق على ما يجري في الولايات المتحدة الامريكية يدركون تماما ان صفقة القرن هي في الواقع جزء من موقف ايديلوجي نابع من عمق الايديولوجية الترامبية الانجيليكية المتطرفة وان ادارة ترامب مكونة من ترامب نفسه ومجموعة من غلاة هذه الطائفة المتزمته التي تحكم امريكا اليوم ولديها الكثير من التصورات الاسطورية حول نهاية العالم.
ان هذه الايديلوجيا محكومة بمجموعة من الاساطير والمعتقدات الدينية المشوهة حول العالم وطريقة ادارته وصولا الى تحقيق الشروط التي تحددها الاساطير لنهاية العالم، وان صفقة القرن ما هي في الواقع الا احدى اهم تجليات هذه الايدولوجيا ومن هنا تأتي خطورتها البالغة وضرورة ان تعلن وتحشد كل الموارد والقدرات لإنجازها من قبل تلك الطائفة.
لتحقيق تلك الغاية سيتم استبعاد كل الاطراف التي لا تتمكن من الموافقة عليها، من هنا لا بد من طرح السؤال الاخطر:
هل تم استبعاد فلسطين والاردن من الدعوة لانجاز تلك الطبخة ؟، وهل ستعلن دون موافقتهما ؟
اسئلة ستجيب عليها الاسابيع القادمة!!