من دروس “موركو 2026”: انتهى زمن الهزل.. وحان وقت الجد… وعلى المغرب ان يتجه نحو الجزائر

سبت, 06/16/2018 - 09:01

 

د. طارق ليساوي

استمرارا لمقال الأمس المعنون ب”من دروس التصويت على موروكو2026..فشل النموذج التنموي المغربي وضرورة إحياء حلم المغرب الكبير..”، وقد تناولنا فيه بالتحليل أسباب الفشل ومنها ضعف التنمية و سيادة الفساد و سيطرة الاستبداد، وغياب الكفاءة و الدراية لدى دوائر الحكم في المغرب..

لكن المقال أشار إلى أهمية التصويت المغاربي للملف المغربي، و في ذلك بادرة طيبة ينبغي استغلالها لتفعيل حلم راود جيل مقاومة المحتل الفرنسي، ولازال حلما قائما ينبغي العمل على إحياءه…

مبدئيا، فشل المغرب في استضافة فعاليات تنظيم كأس العالم ل 2026 كان متوقعا لسببين:

أولا _ الوضع الداخلي للمغرب غير مشجع، فمؤشرات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية دون المستوى المطلوب، فالبلاد تعيش خصاصا تنمويا كبيرا، هذا إلى جانب ضعف الديموقراطية وهشاشة الإصلاحات السياسية و شكليتها، بل إن موقف الدولة من الاحتجاجات التي عرفتها البلاد وتغليب المقاربة الأمنية، بدل الانصات و الحوار و الاستحابة للمطالب الشعبية أضر كثيرا بصورة البلاد..

ثانيا_ صعود رئيس أمريكي بمواصفات خاصة، فهو يتقن لغة الوعد والوعيد، والبلدان تبحث عن مصالحها ، فما الذي سيقدمه المغرب مقارنة بالولايات المتحدة، فنحن نعيش في عالم تحكمه المصالح و لا مكان فيه للضعفاء..

نتمنى ان يتعلم النظام السياسي المغربي من هذا الدرس، فهذه المرة الخامسة التي يفشل فيها على الحصول على التزكية، والسبب واحد ضعف التنمية ..فعليه أن يكف عن الترشح مرة أخرى احتراما لكرامة الوطن و المواطن، وبدلا من ذلك ليحاول تحقيق مصالحة مع الشعب، ببناء نظام سياسي ديموقراطي، يقوم على المحاسبة و المساءلة، نظام لا يحابي الفساد والمفسدين، نظام يسعى لتحقيق تنمية حقيقية بعيدا عن الفلكلور و الاستعراض..

درس موركو 2026، ولد خيبة أمل لدى عموم الشعب المغربي، و القيادة الرشيدة والحكم الرشيد ينبغي ان يتجاوب مع تطلعات الشعب، ويصلح ما أفسده الفساد و تغليب الولاء على الكفاءة، هذا الفشل يقتضي استقالة كل من له صلة بملف الترشيح…

كما ينبغي الاستفادة من إيجابيات التصويت، ونرى أن أفضل إنجاز تم تحقيقه هو الدعم المغاربي للملف المغربي، وفي المقدمة الجزائر التي عبرت منذ البداية عن دعمها الكامل للحلم المغربي، بل وافقت على طلب المغرب بتعيين اللاعب الجزائري السابق لخضر بلومي سفيرا لملف مورومو 2026،وما صاحب ذلك من رسائل سياسية مرحبة بدعم الأشقاء المغاربة…

و الواقع أني أرى أنه حان الوقت للتوجه شرقا باتجاه الجزائر، و تصفية الأجواء مع هذا البلد الجار..و الموقف الجزائري تجاه المغرب فرصة لرأب الصدع، ولن أخجل في القول بأن مصلحة المغرب تقتضي تسوية الخلافات مع بلدان الجوار، بدل الارتماء في الحضن السعودي و الإماراتي الذي إحتقر الشعب المغربي واستباح عرض شعبه..

أتمنى أن يتم أخد موقف صارم من مواطني بلدان الخليج الذين يزررون المغرب، و عدم التسامح مع مخالفاتهم لقوانين البلاد و حرمتها،نعم مرحبا بهم ولاسيما الشعوب لكن شريطة احترام الوطن و المواطنين…فقد رأينا في وسائط التواصل الاجتماعي وفي الدراما السعودية خاصة، والخليجية عامة كيف يتم تصوير المغرب و المغاربة و لاسيما المغربيات منهم..كما سمعنا تصريحات بعض المسؤولين السعوديين والتي فيها انتقاص من شرف المغرب و المغربيات..فمن يقبل بيع شرفه بالمال، لا يمثل إلا نفسه المريضة، و لايعبر عن موقف عموم المغاربة..

فالمغرب كان عبر التاريخ رمزا للعزة والكرامة، فالمغاربة أحفاد الموحدين و المرابطين، إنهم حماة الدين، وحملة لواء القران و المدافعين عن قضايا الأمة، و من غير المقبول ان يتم تصويره على انه شعب يفرط في عرضه و يستجدي مال الخليج…

صحيح أنهم يملكون النفط لكن حكامهم و سادتهم يفتقدون للكرامة و العزة، يكفي ما وصفهم به سيدهم ترامب ، ولسان حاله”لاتشتري العبد إلا و السوط في يدك”..

قلوبنا مع جيراننا، وعلى الحكومة المغربية أن تتحلى بالشجاعة و الجرأة في تعاملها مع  بلدان الخليج التي أهانة المغرب، لا يهم التصويت على الملف المنافس فتلك مصالح بلدان، لكن أن يتم الترويج لإدعاءات غير أخلاقية ضد المغرب و المغاربة، فذلك لن يرضاه كل مغربي حر وشريف..وعلى الحكومة ان تشكر الجزائر وموريتانيا و تونس وليبيا على موقفها المشرف تجاه المغرب، وليس هناك شكر أفضل من تفعيل كيان المغرب العربي، وليس هناك من رد على الخليج خير من سحب القوات المغربية من التحالف الدموي ضد شعب اليمن الشقيق..وحتى لا نوصف بأننا قليلوا الأصل.. فإننا نعبر عن تضامننا مع المنتخب السعودي في مباراته اليوم ضد روسيا، ونتمنى ان يحظوا بدعم ترامب.. لكن للأسف كرة القدم تعتمد على الجهد والعمل قبل المال و المحاباة…والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون..

إعلامي و أكاديمي متخصص في الاقتصاد الصيني و الشرق آسيوي…