تعديلات ترامب على مخطط اسرائيل والادارة الأميركية السابقة لتقسيم وتمزيق سوريا

سبت, 03/10/2018 - 23:04

 اليوم آنفو 

بسام ابو شريف

منذ أن عين دونالد ترامب اليوت ابرامز نائبا لوزير الخارجية الأميركية لم يأت أحد على ذكره ، ولم يخرج على الصحافة بكلمة واحدة ، فقد عين اليوت ابرامز في نفس الوقت الذي اختار ترامب تيليرسون وزيرا للخارجية على الرغم من ملفه المليء بالأحكام القضائية، واليوت ابرامز ” يحمل الجنسية المزدوجة ” ، هو أحد مهندسي مخطط تمزيق الدول العربية المحيطة باسرائيل ، وصياغة شرق أوسط جديد يلائم المصلحة الاستراتيجية لاسرائيل بتحويلها الى قوة امبريالية شرق أوسطية تتحكم وتحكم دويلات عرقية وطائفية ، وتقودها في حرب لاتنتهي ضد ايران .

لقد اختار ترامب اليوت ابرامز ” الذي شارك ريتشارد بيرل ” ، في صياغة مخطط، وشن حروب داخلية بهدف تقسيم العراق وسوريا ، وجاء أول تعديل على هذا المخطط عندما قررت ادارة اوباما اخراج العراق منه وابقاء القوات الأميركية في كردستان العراق للسيطرة على نفط الشمال والجنوب العراقي .

وركزت ادارة اوباما على دفع داعش نحو سوريا لتتعامل معها وتتعاون على اشعال نيران لاتهدأ لتقسيم سوريا عرقيا وطائفيا .

وجسب ماصرحت السيدة كلينتون وكيلي فان المخطط عدل في فترة لم تتمكن فيها الادارة الأميركية الدفع بها للتنفيذ الفوري .. وجاءت فترة الانتخابات بعد أن أقامت الادارة مركزا لادارة وتنفيذ عملياتها في سوريا في منطقة حدودية تضم أراضي من العراق والاردن وسوريا ، وتتمركز في منطقة تستطيع من خلالها استخدام أكراد العراق وسوريا كحطب محرقة تشعل فيها نيران لاتهدأ في وقت قصير .

وكلفت ادارة ترامب الخارجية ” اليوت ابرامز ” ، باعداد التعديلات اللازمة لتنفيذ ماتريده اسرائيل كأولوية ، وهو القضاء على أي خطر قد تشكله بنية سوريا المستقبلية .

وكانت التجارب قد أثبتت فشل استخدام داعش والنصرة في الجولان ودرعا والسويداء ، وكذلك فشل داعش في السيطرة على حدود العراق سوريا وادي الفرات .

وجاء التعديل الأول لادارة ترامب ، وهو زيادة حجم ونوعية القوات الأميركية تخت علم ” التحالف الدولي ” ، فاحتلت مساحة كبيرة من الأرض السورية ، واعتبرت وادي الفرات محرما على الروس والسوريين أصحاب البلاد .

وبدأت كتعديل ثان في انشاء جيش ” سوري ” ، ليكون الكفة الأخرى في أي محادثات لتسوية الأوضاع ولاستخدامه كجيش سوري مواجه لجيش ” النظام ” .

وتبلغ المساحة المحتلة مئة كلم مربع تقريبا ، وتخطط ليكون قوام الجيش ثمانين الف جندي كحد أعلى قد لاتصل اليه ، لكن الخطط وضعت لتجهيز     هذا العدد من الجنود .

لكن التعديلات الكبرى جاءت من مواقع أخرى ، واذا وضعنا الدور التركي في شمال سوريا على حدة فان التعديل الكبير والخطير يتمحور حول دور اسرائيل والعائلة السعودية ، فتحت شعار التصدي لايران والنفوذ الايراني والخطر الايراني ، واقتراب قوات ايران من اسرائيل أعدت خطط لتدخل مباشر اسرائيلي وسعودي بهدف الاحتلال وليس القصف الجوي ، وهذا الجانب من التعديلات هو مابحثه نتنياهو في واشنطن مع ترامب ، وحاول اخفاءه هو والادارة الأميركية تحت علم مؤتمر ايباك ، لكن نتنياهو الذي لم يستطع كبح نفسه عن التعبير أشار بوضوح لدور اسرائيل المقبل بضرب القوات الايرانية ، وأعلن أن لاوجود لأي تعارض بين موقفه وموقف ترامب .

أما التعديل الكبير الآخر فهو تعديل يتلاءم مع طموح الوهابيين القديم ” وجربوه قبل أن يهزمهم جمال باشا ” ، وهو غزو سوريا من الجزيرة وجنوب سوريا .

وكان الوهابيون قد بحثوا فكرة غزو سوريا مع الولايات المتحدة في الخمسينيات كما دون رءساء أميركا آنذاك في مذكراتهم ، وفضح أمرهم القائد العربي التاريخي جمال عبدالناصر ، وكان اقتراحهم للولايات المتحدة لغزو سوريا قد أتى في معرض بحث ضرب الوحدة التي قامت بين سوريا ومصر عام 1958 ، ويشكل هذا التعديل ” خطة احتمالية ” ، أي أنه بديل من البدائل التي تستعد لها الولايات المتحدة ، وليس خطا مثبتا كجزء من حرب الولايات المتحدة على سوريا  contingency plan “” ، ويقوم الأمير محمد بن سلمان ببحث هذا الأمر مع مصر وانجلترا لضمان الدعم العسكري المباشر لعملية الغزو في حال اللجوء اليها من القوات المصرية والبريطانية ، وبطبيعة الحال ، وكما يتوقع أي متابع فان آل سلمان أبدوا استعدادهم لدفع التكاليف مع الأرباح !!!.

روسيا التي تتبع الحركات الأميركية وترامب بدقة ماتقوم به الادارة الأميركية أشارت رسميا أكثر من مرة خلال الأسبوعين الماضيين ، وعلى لسان لافروف وزير الخارجية ومسؤولين روس آخرين الى أن الخطوات الأميركية على الأرض السورية تستهدف تقسيم سوريا ، ممايدل على معرفة موسكو بالتوجه الأميركي ، وماتخطط له الادارة الأميركية ، يؤكد المخطط الجديد أن الادارة الأميركية تتصرف في المنطقة كما تصرفت في موضوع القدس ، فهي تعتبر قراراتها سارية المفعول في بلادنا بالقوة … أي كما لو كانت بلادنا مزرعة تستعبدها الولايات المتحدة ، وتقوم بذلك استنادا لحلفائها في المنطقة ، والى حدما على قواتها المتمركزة في الخليج والجزيرة ، وهذا يتطلب تعديل الاستراتيجية التي تتبعها قوى محورالمقاومة لمواجهة المخطط التقسيمي الذي تتصدر أولوياته تصفية قضية فلسطين .

فاذا كان العدو يريد اطالة الحروب وزرع الخلافات والعمليات الارهابية في بلادنا فعلينا أن نعدل في استراتيجية الدفاع وأن نحول جزء من اهتمامنا الأساسي لشن هجمات على معاقل التآمر لارباك العدو ولتشتيت تركيزه.

واذا كان نتنياهو قد أعلن أمس عبر الكنيست انه سيهجر كل العرب من القدس تحت تأثير قرار الكنيست باعتبار عرب القدس يقيمون في القدس بتصريح من وزارة الداخلية الاسرائيلية ، وان الوزير قادر ولديه صلاحية الغاء الاقامات فلماذا لايجعل حياته وحياة وزير داخليته وراء أمنه الداخلي ؟!! ، المناورات التي تجري الآن على كامل الأرض الفلسطينية هي تمرين لما سيحاولون تنفيذه ، والأمر لايحتمل أي تردد ، والسلطة مطالبة بالتغيير الفوري ، فقد أعلن ترامب أنه لا يرى أي مشكلة في مشاركة عدة دول في المفاوضات ” مطلب ابو مازن للعودة للمجرى القاتل ” ، فهو متأكد كما أعلن نتنياهو أن حضورهذه الدول ” وهي شريكته ” ، لن يغير من كون الولايات المتحدة تتخذ القرارات التي تخدم مصلحة اسرائيل فقط في القدس .

آن الأوان لتخفيف الكلام والتركيز على الفعل والعمل ، آن الأوان لفتح أبواب التطوع والتدريب والقتال والكف عن   الكلام دون فعل .

ان ماقاله الرئيس بشار الأسد حول الغوطة الشرقية والاصرار على تطهيرها من عملاء اسرائيل وواشنطن يجب أن يكون ساري المفعول على كل شبر يحتله الأعداء ، وعلى رأس ذلك فلسطين .

كاتب وسياسي فلسطيني