الرسالة التركية من عفرين: مواجهة الخطر الكردي وليس إسقاط النظام السوري

أحد, 01/21/2018 - 23:43

عمر الردّاد

تطرح العملية العسكرية التركية التي بدأها الجيش التركي في مناطق عفرين شمال غرب سوريا جملة من التساؤلات من حيث: توقيت العملية ، والإطراف المشاركة فيها الى جانب الجيش التركي ، وتحديدا هيئة تحرير الشام وعنوانها جبهة النصرة ، ومواقف الإطراف الفاعلة بالملف السوري بدءا من أمريكا وروسيا وإيران والنظام السوري نفسه، الذي لوح برفض العملية باعتبارها تمس السيادة الوطنية السورية ، ليتبين لاحقا وفقا لإعلان تركي ان القيادة التركية أبلغت سوريا بالعملية برسالة مكتوبة،وفي إطار تفكيك مشهد عفرين على وقع عملية غصن الزيتون يمكن الإشارة الى الملاحظات التالية:

اولا: يرتبط توقيت العملية بثلاثة عوامل رئيسية وهي1- تطورات المعارك في محافظة ادلب ، ونجاحات الجيش السوري في استعادة الكثير من المناطق في إطار حرب كر وفر مع هيئة تحرير الشام والنصرة وفصائل الجيش الحر ، خلافا لاتفاق خفض التوتر في ادلب الذي تم انجازه في استانا ،ومخاوف تركيا من استعادة الجيش السوري ادلب وفقدان تركيا لأحد أهم أوراقها وحلفائها،2- ان العملية غير بعيدة عن الأجواء التي تسبق الحراك السياسي والتحضيرات لمؤتمرات جنيف وسوتشي، والسباق المحموم لكل الإطراف لتعزيز أوراقها في جنيف وسوتشي ،خاصة وان غصن الزيتون تتم بالتوازي مع عمليات واسعة للجيش السوري في الغوطة وحلب بالتعاون مع حليفها الروسي والإيراني 3-تحالف أمريكا مع أكراد سوريا والإعلان عن تاسيس جيش شمال سوريا وقوامه 100 الف جندي وحرس حدود قوامه 30 الف مقاتل،

وربما كون العملية التركية ضد الفصائل الكردية في عفرين وليس مناطق شرق الفرات ، حيث مناطق الثقل الحقيقي للأكراد تطرح مزيدا من الشكوك حولها ، خاصة وان أمريكا حليفة الأكراد أرسلت من الإشارات ما يكفي لاعتبار عفرين ليست بأهمية مناطق شرق الفرات ، وهو ما تدركه تركيا باختيار المنطقة الأضعف للأكراد.

ثانيا: ترسل عملية “غصن الزيتون” التركية رسالة حول تؤكد على الاستراتيجية التركية الخاصة بالقضية السورية ، وعنوانها الحيلولة دون قيام كيان كردي على حدودها الجنوبية ،ارتباطا بتداعيات قيام هذا الكيان على الامن القومي التركي ، وتعزيز الحلم القومي للأكراد بإقامة كيان يشمل مناطقهم في تركيا والعراق وسوريا وإيران، خاصة وان أكراد تركيا هم الأكثر عددا وتأثيرا ” وفقا لإحصاءات عديدة فان عدد الأكراد في تركيا لا يقل عن 15 مليون نسمة” ومن اجل تحقيق هذا الهدف تدل مؤشرات عديدة ان تركيا لديها الاستعداد للتعاطي بايجابية مع قضية القبول ببقاء الأسد ، والتأكيد على وحدة سوريا.

ثالثا:أكدت “غصن الزيتون” حالة الارتباك التي تعيشها القيادة التركية مجددا ، فالرئيس السوري الموصوف بالإرهابي وقاتل شعبه “حسب الرئيس اردوغان في تصريحاته بتونس خلال الشهر الماضي” يتلقى رسالة طمأنة تركية بحدود العملية وأهدافها ،هذا الارتباك يشمل القيادة السورية التي أعلنت انها ستتعامل مع العملية باعتبارها اعتداءا تركيا على السيادة السورية ، وارتباكا روسيا بالإعلان عن عدم سحب المستشارين الروس من مسرح العمليات ثم الإعلان عن سحبهم لاحقا،فيما شهد الموقف الأمريكي تراجعا عن حدة رفض العملية في بداياتها ، ويبدو ان كل ذلك مرتبط بتطمينات تركية لاحقة لكافة الاطراف بحدود عملية غصن الزيتون وانها ستكون محدودة في اطار المكان والزمان ،رغم الإعلان التركي بانها ستكون على أربع مراحل وان هدفها الاستراتيجي إنشاء منطقة امنة بعمق 30 كم داخل الأراضي السورية.

رابعا : غصن الزيتون ليست معزولة عن الوضع الداخلي التركي ، حيث من المقرر ان تجري العام القادم اول انتخابات رئاسية تركية وفقا للدستور الجديد ،والقيام باي عمل ضد الأكراد سيعزز فرص حزب العدالة والتنمية في إطار أحياء النزعة القومية التركية، والتي يعمل الرئيس التركي على إحيائها بشكل دؤوب تحت عنوان استئناف الخلافة العثمانية.

في عفرين من المرجح ان تنجح تركيا في لجم القوة المحدودة أصلا للفصائل الكردية ،بدعم من جبهة النصرة ، وهو ما سيعزز الدلائل التي تثبت علاقة تركيا مع الارهاب، وربما يتكرر سيناريو تعامل السلطات السورية مع المقاتلين في حلب ودمشق بنقلهم الى ادلب، بحيث يتم نقل المقاتلين الأكراد من عفرين الى مناطق شرق الفرات ،وبحيث تبدو تركيا حققت نصرا ، لكنه سيكون نصرا محدودا ومؤقتا ، اذ على تركيا ان تواجه السيناريو الاسوا الذي يتم التحضير له في سوريا ،والمتمثل بتقسيم سوريا ، وهو ما يتم العمل عليه أمريكيا وروسيا وفق مؤشرات كثيرة مرتبطة بدعم الأكراد ، والإعلان عن وجود عسكري امريكي دائم في سوريا، وتشكيل جيش شمال سوريا وحرس حدود، فيما يتمسك الروس بدستورهم المقترح وجوهره سوريا فدرالية.

كاتب وباحث في الامن الاستراتيجي

oaalraddad@gmail.com