في ذكرى رحيله تعرف على أب الأمة الموريتانية -بطاقة تعريف

أحد, 10/15/2017 - 12:27

المختار ولد داداه هو سياسي ومحام من موريتانيا، وأول رئيس لها والأب المؤس ، تأثرت سياسته الخارجية بالنزعة الأفريقية، لكنه نافح عن القضايا العربية، واجه اعتراض المغرب على استقلال بلاده، ثم تحالف معه في حربه مع "البوليساريو" فأطاح به الجيش.

المولد والنشأة
وُلد المختار ولد محمد ولد داداه يوم 25 ديسمبر/كانون الأول 1924 بمدينة بوتلميت لأسرة من قبيلة علم، لها مكانتها السياسية والدينية في المنطقة.

الدراسة والتكوين
تلقى تعليمه الابتدائي في موريتانيا، والثانوي في معاهد فرنسية خاصة، وحصل على الثانوية العامة سنة 1948، ودرس الحقوق في باريس، وحصل على شهادة المحاماة.

الوظائف والمسؤوليات
عمل مع الإدارة الفرنسية في الترجمة وبعض الشؤون الإدارية، وبعد أن حصل على شهادة المحاماة في فرنسا فتح مكتبا للمحاماة في السنغال، حين كانت موريتانيا تحت الحكم الفرنسي، وتدار من مدينة "سينلوي" السنغالية.

وبعد النتائج التي حققها حزب التجمع الموريتاني في الانتخابات المحلية بموريتانيا، عُيّن ولد داداه نائبا لرئيس حكومة موريتانيا بصفتها إقليما خاضعا للاستعمار الفرنسي، لتنتقل إليه رئاستها الفعلية في نهاية يوليو/تموز 1958 من آخر وال فرنسي لموريتانيا.

وفي 20 أغسطس/آب 1961 انتخب رئيسا للجمهورية الإسلامية الموريتانية التي نالت استقلالها عن فرنسا في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1960، وأعيد انتخابه ثلاث مرات في سنوات 1966 و1971 و1976، قبل أن يطيح به الجيش في 10 يوليو/تموز 1978.

التجربة السياسية
تعلق ولد داده بالسياسة منذ صغره وفقا لما رواه في برنامج "زيارة خاصة" على قناة الجزيرة، وزاد اهتمامه بها عندما قررت فرنسا -بعد الحرب العالمية الثانية- أن تحرر مستعمراتها أو تمنحها جزءاً من الاستقلال الداخلي، فدفعه ذلك للعودة للتعليم بعدما انقطع عنه.

انتسب لحزب الاتحاد التقدمي الموريتاني الذي تأسس عام 1948 وكان أحد الأحزاب الموريتانية المقربة من الإدارة الفرنسية، وعُين رئيسا لمجلسه التنفيذي عام 1958.

اتخذ موقفا وسطا بين دعاة الانضمام للمغرب ودعاة الانضمام للسودان الفرنسي، وكان أحد مؤسسي حزب التجمع الموريتاني المنبثق عن اندماج حزبي الاتحاد التقدمي والوفاق في مؤتمر ألاك 1958.

ورغم أنه كان مؤمنا بحق الشعوب المستعمرة في التحرر وتحقيق الاستقلال، فإنه لم يكن يملك برنامجا محددا لاستقلال موريتانيا، وإنما كانت لديه "مجرد أفكار"، وفقا لما ورد على لسانه في برنامج زيارة خاصة.

وبعد حصول موريتانيا على استقلالها واجه تحدي إنشاء الدولة الجديدة التي لم تتأسس عاصمتها بعد، ولا تتوفر على بنية تحتية أو مرافق عمومية أو مؤسسات.

وكان رفض المغرب استقلال موريتانيا تحديا آخر واجهه المختار ولد داداه، وواجه معه مساندة الدول العربية -باستثناء تونس- لموقف المغرب ومنع موريتانيا من الحصول على عضوية الأمم المتحدة والجامعة العربية.

لكن دبلوماسيته وعلاقاته الأفريقية والدولية ومساندة بلدان آسيوية مؤثرة مكنته من التغلب على هذا التحدي فانضمت موريتانيا إلى الأمم المتحدة سنة 1961، ثم إلى الجامعة العربية سنة 1973.

وقد تأثرت سياسة ولد داداه الخارجية بعمقه الأفريقي والتأثير الفرنسي، لكن ذلك لم يستطع إلغاء النزعة العربية فيها.

فقد كانت له مواقف معروفة في الدفاع عن القضية الفلسطينية باعتبارها قضية تحظى بالأولوية في محددات السياسة الخارجية الموريتانية، فمنح المسؤولين الفلسطينيين جوازات السفر للقيام بمهامهم في بلدان العالم، ومنع مواطنيه من زيارة إسرائيل وثبَّتَ ذلك في جوازات السفر.

وبعد هجوم إسرائيل على مصر وسوريا سنة 1967، قاد حملة دبلوماسية في أفريقيا لمحاصرة إسرائيل وقطع الدول الأفريقية علاقاتها معها.

وكما استطاع بدبلوماسيته وعلاقاته الخارجية الحصول على اعتراف دولي، فقد أنهى مشكلة عدم اعتراف المغرب بموريتانيا، وبدأت العلاقات معها تتطور.

 ونسَّق البلدان مواقفهما بخصوص الصحراء الغربية، فاستضاف ولد داداه ملك المغرب والرئيس الجزائري سنة 1970 في قمة أكدت ضرورة إنهاء الاستعمار الإسباني للصحراء.

وبعد خمس سنوات من هذه القمة تقاسمت موريتانيا والمغرب الصحراء الغربية بموجب اتفاق ثلاثي (إسباني، مغربي، موريتاني) وقع في 14 نوفمبر/تشرين الثاني 1975، ونص على خروج إسبانيا من الصحراء وتقسيمها بين الدولتين.

وواجه الاتفاق رفضا قاطعا من الجزائر وجبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو)، فتحالفت موريتانيا والمغرب عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا في مواجهة هذا الرفض، ودخلتا في حرب مع البوليساريو.

ركزت جبهة البوليساريو هجماتها العسكرية على موريتانيا بوصفها الحلقة الأضعف في الصراع، واستطاعت قواتها أن توجه ضربات موجعة للجيش الموريتاني، وتمكنت من الوصول إلى مشارف العاصمة، ومهاجمة معظم المدن الموريتانية.

وبفعل هذه الحرب دخل نظام المختار ولد داداه في أزمة اقتصادية وأمنية خانقة دفعت الجيش الموريتاني إلى الإطاحة به في 10 يوليو/تموز 1978، فوضع رهن الإقامة الجبرية 14 شهرا في مدينة ولاته شرقي موريتانيا.

وفي 3 أكتوبر/تشرين الأول 1979 خرج من الإقامة الجبرية لدواع صحية ونقل إلى فرنسا للعلاج، وبعدها اختار الإقامة مؤقتا في تونس، قبل أن ينتقل للإقامة الدائمة في مدينة نيس الفرنسية.

الوفاة
توفي المختار ولد محمد ولد داداه يوم 14 أكتوبر/تشرين الأول 2003 في باريس وأعيد جثمانه إلى وطنه، ودفن في بوتلميت.