د. عباس يكتب: توجد في النظّام...

اثنين, 07/31/2017 - 13:58

كتب الدطتور والباحث عباس ابرهام عن نظرت أجيال موريتانيا للديمقراطية:"توجد في النظّام، منذ أن وُجد، وحتى في أيام ولد الطايع وولد داداه، فصيلتان: الملكية القديمة، التي لا تؤمن لا بالديمقراطية ولا بحقوق الإنسان، وتؤمن، لدواع عنصرية أو فاشية أو دينية، بالتراتبية والتفاضل وبضرورة قتل الثلثين من أجل إصلاح الثلث وأن الله ملّكها أعناق الشعب.

وتوجد فصيلة جديدة، شابّة، ديمقراطية، واعية، تؤمن، افتراضاً (وخصوصاً عندما يتعلّق الأمر بالسياسة في المراكز العربية البعيدة) بالحريات المدنية، بل وحتى بالثورة. نظرياً تتألّم هذه الفصيلة لسحل المعارضين وخرق الدستور والقضاء على المؤسّسات والجوسسة وتأليه شخصٍ واحد وتمجيده. والواقِع أنها دخلت النظّام بحجة إصلاح هذه الأشياء وإعطاء وجه إنساني للنظام (بل وزعم أنه أصبح إنسانياً قِبلاً). ولكنّها مرتبطة مصلحياً مع النظام أو داخِلة على طمع. وبالتالي فلا يمكنها تقديم موقِف جذري. لا يتبقّى لها عندئذ إلا الوعظ أو ممارسة الأرويلية أو النصائح السلطانية، أو زعم الوطنية.

بعضُها، الأكثر احتراماً لذاتِه ولكن المرتبِط بنفس الطريقة بأجرِه، هو كالمتعامل مع الجن: لا بد له أن يتخلّى عن عادة أو جزء من جسده (ربما ثألولة أو ظفر): ولذا فهو يرمي للمعارضة بالتنازل العظيم: وهو أنه ضدّ كشف الخصوصية مثلاً؛ أو أنّه يريد "عدم الإسراف"- لا مؤاخذة- في ضرب المُعارِضين. ثمّ إنه يحتاج إلى تبرير، وليس فقط إلى أجر: ولا يوجد أقرب له من كوبولاني. فالسبب في موقِفه المتصامِم هو رفض رئاسة كوبولاني المقتول قبل 112 عاماً أو كَوميات، الذين ظلّوا يحكمون حتى في العقد الماضي الذي حكم فيه معبودُه البلاد، أو الحفاظ على الوطن من مؤامرة محيقة. وهذا بالذات هو ما عرِفه صمويل جنسون عن الوطنية: إنها الملجأ الأخير للنذل".