«القيصر» يتحول إلى «شاهد زور» في إعلان تلفزيوني… وقنوات خليجية تحرم المغرب من صحرائه!

جمعة, 06/23/2017 - 18:15

الطاهر الطويل

كان الله في عون «القيصر»، فقد صار عرشه مرمى للسهام من كل حدب وصوب.

المقصود في هذا المقام «قيصر» الطرب والغناء كاظم الساهر الذي يبدو أن شعبيته مع المعجبين المغاربة نزلت إلى الحضيض خلال شهر رمضان الكريم، إذ وجد نفسه يتحمل وِزر المنتجات التلفزيونية المحلية التي خلّفت حالة من التذمر لدى الكثيرين، رغم أن أرقام نسب المشاهدة تحاول إثبات عكس ذلك.

كلّ ذنب هذا الفنان المسكين أنه أنجز دعاية تجارية تلفزيونية لفائدة شركة عملاقة مختصة في بناء ما يُعرف بـ«السكن الاقتصادي» الموجه للأسر ذات الدخل المتدني. وسبب لومه راجع لعدة أسباب:

ـ أولها: المبلغ المالي الضخم الذي خُصّص لكاظم الساهر مقابل الإعلان المذكور والذي سارت بذِكره الرُّكبان.

ـ ثانيها: الاتهامات الدائرة حول شركة العقارات التي تحظى بأفضلية كبرى لدى دوائر القرار، إذ تقتني الأراضي بأثمان بخسة، وتجني أرباحا طائلة من الشقق التي تبيعها، نظرا للبون الشاسع جدا بين التكلفة الإجمالية البسيطة لبناء كل شقة وبين ثمن بيعها لعموم المواطنين.

ـ ثالثها: العيوب التي تُثار حول تلك العمارات من حيث غياب الجمالية وتدني الجودة في البناء.

وهكذا، امتلأت صفحات المواقع الاجتماعية الافتراضية بتدوينات تتضمن عبارات العتاب واللوم المنصبّة على «القيصر»، فكتب الأديب عبد العزيز الراشيدي: «كاظم الساهر يبيع تاريخه لشركة العقار التي تبيع شققا مثل علب الكبريت»، وفي ما يشبه السخرية، خَـمَّـنَ الإعلامي أحمد الدافري بأن كاظم الساهر يمرّ بضائقة مالية. وكتب الناشط الحقوقي والجمعوي عثمان مخون: «كل المطربين والفنانين والمغنيات اللذين واللواتي اشترتهم قنوات الخلاعة الفنية يسقطون من عيني، باستثناء كاظم الساهر الذي كنت أبحث له عن عذر. اليوم، بعد ظهوره في الإعلان الكاذب للشركة إياها، سقط بدوره من عيني سقطة مدوية!» وفي السياق نفسه، اعتبرت حسناء العلمي أن «الفنان الذي يرقص ويغني في إعلانات إشهارية لمنتجات لا جودة فيها، وفيها استغلال للطبقات الهشة في المجتمع يسقط من الأعين».

وكغيره من المشاهدين، قال عبد القادر العمراني إنه كان يتوقع أي شيء في التلفزيون خلال رمضان، إلا مشاهدة كاظم الساهر يقدم الوصلة الإعلانية. وهكذا تحوّل «القيصر» إلى «شاهد زور»، حسب الإعلامي عزيز المجدوب والممثل عبد الحق بلمجاهد، مما جعل بعض المدونين ـ ومنهم محمد أحمد ـ يرى أن الساهر «يمرّغ تاريخه الفني في الوحل».

وبنبرة ساخرة كتب كريم تورام: «إني خيّرتك فاختاري بين الشقة أو النار… سيدي كاظم مول الياجور (أي صاحب الأجور).

أما الإعلامي عزيز باكوش، فكان لديه اقتراح آخر عـِوَضَ ضخّ أموال الإعلانات في حساب «القيصر»، حيث كتب: «كان على رجال المال والأعمال في مقاولة البناء أن يستشيروا ذوي الاختصاص بخصوص أنجع حملة إشهارية لتسويق المنتج العقاري الذي على بالنا جميعا شكله وحجمه وأعطابه. فبدل إيداع ذلك المبلغ الضخم في حساب المطرب كاظم الساهر بالعملة الصعبة وخارج تراب المملكة مقابل وصلة إشهارية زمن الإفطار مدتها بضع دقائق وينتهي مفعولها بعد انتهاء الشهر الفضيل مباشرة، كان من الممكن جدا أن يقبع ذلك المبلغ داخل المغرب ويعود بالنفع على المجتمع وفئاته المعوزة طوال 25 سنة. ذلك المبلغ يساوي حوالي 500 شقة، يعني استفادة 500 أسرة مغربية من ذوي الدخل المحدود من هذه العملية الاجتماعية تقدم لهم دون فائدة في تسهيلات الأداء. والنتيجة أن الشركة تعزز انتماءها للوطن وتنتصر للشريحة الاجتماعية التي وُجدت من أجلها».

وعلى خلاف باقي الانطباعات، عبّرت الإعلامية الشهيرة في راديو وقناة «ميدي 1» خديجة أحمد عن رأي مغاير، إذ كتبت: «صِدقًا، أعجبني كاظم الساهر. إعلان راق لحنا وكلمة وشدواً. ربما لأنني لست معتادة على هذه الشاكلة من الإعلانات الراقية المهذبة».

قبل كاظم الساهر، قدّم العديد من نجوم الفن إعلانات تلفزيونية لشركة العقارات المغربية الشهيرة خلال رمضان من الأعوام السابقة، من بينهم فنانون مغاربة وأتراك والممثل الهندي شاروخان، ولم يسبق لأي واحد منهم أن كان موضع انتقاد بمثل هذه الحدة.

لعلّ «القيصر» يردد، هذه الأيام، عبارة محمود درويش الشهيرة: «اعذرونا من هذا الحب القاسي»!

 

وسقطت «ورقة التوت» عن «العربية»!

 

عجيب هو أمر بعض القنوات الفضائية العربية، إنها تتلون بحسب تقلبات الأحوال السياسية المحلية والقومية والدولية، وتسقط عنها ورقة التوت بسهولة، فتغيب الشعارات التي تتغنى بها من مهنية وموضوعية وحياد وهلم جرا… قناة «العربية» السعودية أسوأ مثال على ذلك. فخلال الأيام القليلة الماضية، فوجئ المشاهدون بقيامها بحملة ضد المغرب، من خلال حشر «أنفها» في نزاع الصحراء والانحياز المكشوف لأطروحة «البوليساريو»، حيث قدّمت تقريرا عمّا أطلقت عليه «الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية»، واصفة المغرب بالقوة المحتلّة منذ عام 1976.

وبشكل أقل حدة، بثت قناة «أبوظبي» خريطة المغرب مبتورة من الصحراء الغربية في برنامج «المشكاة». لكن مسؤولين قطريين سارعوا إلى الاعتذار، واصفين ما وقع بالخطأ التقني غير المقصود، وأعادت القناة المذكورة بث البرنامج بخريطة المغرب كاملة، وذلك على إثر ردود الفعل القوية المعبر عنها في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي ربطت ما قامت به «العربية» و«أبوظبي» بالموقف الرسمي للمغرب من الأزمة الخليجية الراهنة، حيث التزم هذا البلد الحياد، وأدرج المساعدات الغذائية التي قدمها إلى قطر ضمن المبادرة الإنسانية البعيدة عن أي توظيف سياسي.

متى ترتقي التلفزيونات العربية وتبتعد عن الحسابات السياسية الظرفية التي تروم ممارسة نوع من الوصاية والحجر على المواطن في زمن العولمة والإنترنت والفضائيات العالمية؟

كاتب من المغرب